ما أجمل الحرية ..

الصحافة الحرة , ممكن تكون جيدة او سيئة, لكن بدون حرية, الصحافة لن تكون الا سيئة."

Albert Camus


الجمعة، 19 فبراير 2010

البرمجة الإعلامية الكويتية

الإعلام أداة مهمة من أدوات المجتمع، وهي أيضاً خطيرة، ففيها تستطيع أن تملك أعظم قوة وهي قوة الرأي العام (الجمهور)، وتستطيع أيضاً من خلالها تأليب الجموع عليك وتحصيل أكبر الخسائر.
كلنا عرفنا معاً واختبرنا أهمية الإعلام، من خلال الأزمة التي حدثت لنا أيام الغزو الصدامي الغاشم وضرب وزارة الإعلام التي كممت أفواه الكويتيين وصعبت توصيل أزمتنا إلى المجتمع الدولي والعالم إلى أن تم بحمد الله استعادة أرضنا وعزتنا وكرامتنا.
الولايات المتحدة الأميركية.. أعظم قوة في العالم، لعوامل عديدة وكبيرة وتعتبر من أهمها قوة الإعلام والمساحات الإعلامية التي تملكها والحريات التي تدعم هذا الإعلام.
ففي برامج وأفلام ومسلسلات كثيرة نجدها تتناول بحق حال المجتمع الأميركي ومشكلاته كما تتناول أغلب الفئات العمرية وتعطيها حقها من الاهتمام والحقوق وتسليط الأضواء على قضاياهم، وبالتالي مساهمة كبيرة بحلها.
كما تتم برمجة المواطن الأميركي على أنه مهم جداً لدى دولته وأن حقوقه تعتبر من المقدسات وأنه يستطيع عمل أي شيء وينجح فيه فقط إذا آمن بهذا الشيء.
إن هذا الدور الإيجابي هو ما نفقده بحق هنا في دولتنا الحبيبة الكويت، فكثير من مسلسلاتنا وأفلامنا لا تناقش قضيانا الحقيقية بل تركز فقط على المخدرات والمعاكسات وشرب الخمور والعيش في قصور فارهة وأحب أن أركز على هذا النقطة وبشدة، هل جميعنا حقاً نعيش في قصور ومنازل فارهة ونقود سيارات فخمة؟
هذا السبب تحديداً ساهم في الاعتقاد الشائع حالياً بأن الكويت بلد نفطي يعيش في أغلب فئاته بطبقة الأغنياء وميسوري الحال، وتناسوا حال بسطاء الدخل والمتعسرين بسبب القروض، هل حقا كل الشباب يعيشون في مخدرات وخمور وفتيات؟
أين النماذج الإيجابية التي يرفض الإعلام تربية أبنائنا عليها، بل إن حتى أحدث الوسائل والاستراتيجيات التربوية ترفض عرض السلوك الخاطئ باعتباره اركز في الذاكرة وتحبذ ذكر السلوك الفاضل الجيد.
لماذا نلوم الشباب على رعونته واستهتاره وتفاهته ونحن نجلده كل يوم بسوط السلبيات والقدوات السيئة، حين نربيه بواسطة أعلامنا على ثقافة اللبس والاهتمام السطحي الشديد على حساب قيم وسلوكيات أهم.
الإعلام أداة حساسة، والمنابر الإعلامية وسيلة تستطيع فيها أن تدخل كل بيت وفي كل وقت ليس في الكويت فقط، ولكن في العالم أجمع، لماذا لا تستغل هذي الأداة المهمة في توصيل مشكلات الشباب الحقيقية وعرض نماذج مذهلة لشباب استطاعوا النجاح في ضوء تحديات معاصرة ومماثلة لقرنائهم لخلق قدوات تنير الطريق أمامهم.
لماذا لا نركز على الأطفال ومشكلاتهم ونماذج لمتفوقين، وهنا أحب أن أشير إلى الأثر الكبير الذي تركه الطفل المبدع حمد بوناشي في نفوس أقرانه، بل أصبح أكثر من قدوة لهم، ويعتبر الأطفال أهم من الشباب في خطورة التلقي من الإعلام بسبب الأرض الفكرية الخصبة التي يملكونها وتستطيع أن تزرع فيها ما تريد، أليس من الجميل هنا غرس السلوكيات والقيم الدينية والوطنية التي تتعدى لبس الشعارات والإعلام إلى عدم تخريب الممتلكات العامة والمحافظة على نظافة المرافق العامة.
وكبار السن والذين لا نشاهد عنهم إلا صور العقوق التي تنتهي بملجأ العجزة كما هو متوقع، هناك أنواع أخرى كثيرة من العقوق ومؤلمة أكثر من ملجأ العجزة لم يتم طرحها ولا الإشارة إليها وتمارس بشكل يومي، طرحت الشيخة الفاضلة فريحة الأحمد الصباح مشكورة مسابقة رائعة للأم المثالية أعتبرها ناجحة بكل المقاييس الفكرية، لماذا لا تطرح لنا أيضاً جوائز ومسابقات للأبناء البارين يتم تسويقها إعلاميا.
إذا أردنا حقاً مجتمع قوي وشباب نابض خلاق، ينبغي علينا بالضرورة صياغة الأهداف الأعلامية ودراستها بل وإخضاعها إلى لجان تربوية متخصصة إذا أمكن، فهي صورة الكويت وشبابها، وفيها ترتقي البلد ويتحفز الشباب للنجاح ونفرض هيمنتنا الفكرية الدينية الأخلاقية الوطنية في نفوس أبنائنا ولدى العالم أجمع.






صحيفة الرؤية الكويتية بتاريخ 19 / فبراير / 2010



http://www.arrouiah.com/node/253784